شهدت الجلسة الثالثة من منتدى الجزيرة الإعلامي الثالث سجالا حادا وتباينا في المواقف من القنوات الغربية الناطقة بالعربية والموجهة خاصة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ أبدى بعض المتدخلين شكوكا ومخاوف حول تلك المنابر في حين اعتبرها آخرون إضافة جديدة للخدمات الإعلامية الموجهة للمنطقة.
في تلك الجلسة كان رئيس تحرير صحيفة "القدس العربي" عبد الباري عطوان مباشرا وحادا في تناوله لأهداف تلك المحطات وخططها على المدى البعيد، مشيرا إلى أن إبداء الشكوك في خطط تلك المحطات يبقى مشروعا.
ولاحظ عطوان أن القاسم المشترك بين أغلب تلك القنوات هو أنها ممولة من حكومات بلدان متورطة في الحروب والأزمة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ولها مصالح حيوية وإستراتيجية فيها.
وأكد عطوان أن ميلاد خدمات تلفزيونية بالعربية في كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا، هو جزء من هجمة شرسة تستهدف العقل الجمعي للمنطقة بهدف تسطيح وعيه وتهيئة التربة الخصبة لاستغلال ثرواته الطبيعية المتمثلة أساسا في النفط.
"
عبد الباري عطوان سجل نقطة إيجابية واحدة للفضائيات الغربية الناطقة بالعربية تتمثل في كونها توفر فرص عمل وتدريب واكتساب خبرة بالنسبة للعديد من الطاقات الإعلامية العربية
"
ورغم كثرة مآخذه على تلك المحطات فإنه سجل لها نقطة إيجابية واحدة تتمثل في كونها توفر فرص عمل وتدريب واكتساب خبرة بالنسبة للعديد من الطاقات الإعلامية العربية.
كما أبدى نوعا من التفاؤل وهون من تأثيرها على عقول وقلوب أبناء المنطقة لأن المشاهد العربي في نظره ليس من الغباء بالشكل الذي يتصوره أصحاب تلك المشاريع الإعلامية.
حرب طويلة
وفي نفس المنحى ذهب أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر محمد المسفر الذي اعتبر تلك القنوات جزءا من حرب طويلة ضد الأمة العربية الإسلامية وهويتها، تواصلت على مدى قرون واتخذت أشكالا مختلفة عبر التاريخ.
ويرى المسفر أن الهدف من تلك القنوات هو دخول البيت العربي واستهداف النواة الأساسية للهوية العربية والإسلامية المتمثلة في خلية العائلة، بهدف إعادة صياغة العقل العربي من الأساس لتمهيد الأرضية الثقافية للقوى المتصارعة في المنطقة.
في مقابل تلك المخاوف دافع دانيال دود، مسؤول إستراتيجية الصحافة في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن الخدمة العربية للهيئة وعن مشروعها لإطلاق قناة تلفزيونية ناطقة باللغة العربية قبل نهاية العام الجاري.
وأكد دود أن تلك الخدمة ستمثل إضافة نوعية للقنوات التلفزيونية التي تبث من أو إلى منطقة الشرق الأوسط باحترام المعايير المهنية المعتمدة منذ عقود في هيئة الإذاعة البريطانية، منوها بأنها ستتعاطى مع شؤون الشرق الأوسط بأكبر قدر ممكن من التوازن والنزاهة والحياد.
دفاع وتخوف
تناولت النقاشات محددات وشروط وآفاق صحافة العمق (الجزيرة نت)
ووسط التجاذب الذي شاب الجلسة من الدفاع عن القنوات الغربية والتخوف إزاءها والذي زاد أيضا من خلال تعليقات وأسئلة الحضور، كان صوت رئيس مركز تكوين الصحفيين في باريس هنري بجا، ينزع نحو الدفاع عن الفضاءات المفتوحة في ظل التطور المتزايد لتكنولوجيا الإعلام والاتصال.
وتناولت النقاشات في الجلستين الأولى والثانية للمنتدى محددات وشروط وآفاق صحافة العمق والصحافة الاستقصائية إلى جانب العلاقات الإشكالية بين وسائل الإعلام والسلطة السياسية.
وستتواصل جلسات منتدى الجزيرة إلى غاية الثاني من الشهر الجاري من خلال جلسات ستتناول جوانب أخرى من تعامل وسائل الإعلام مع شؤون الشرق الأوسط.
ويشارك في المنتدى إعلاميون من مختلف أنحاء العالم ومن أهم المشاركين في دورة المنتدى لهذا العام الصحفي الأميركي الشهير سيمور هيرش الذي ألقى خطابا في الجلسة الأولى حول آليات ومستقبل الصحافة الاستقصائية.