بقدر ما كان موقف وزارة الاستثمار جادا وحاسما في صفقة أرض سيدي عبدالرحمن بالساحل الشمالي بقدر ما كان موقف الشريك المصري "ارتوك جروب" في شركة "اعمار مصر" التي فازت بالصفقة مثيرا للجدل ولكثير من علامات الاستفهام!!
أداء الشريك المصري في الصفقة التي شاركته فيها "إعمار الامارات" عكس جانبا من ثقافة "البيزنس" في مصر والتي ظننا انها تغيرت بعض الشيء مع قيادة القطاع الخاص للاقتصاد وتخلي الدولة لصالحه عن دورها في خطط التنمية.
والثقافة التي نقصدها والتي تجلت في هذه الصفقة علي نحو خاص هي الحرص علي تحقيق أكبر قدر من الربح ومحاولة التهرب من أداء حق المجتمع في هذا الربح والمتمثل في ضريبة الأرباح الرأسمالية.. وذلك عن طريق القيد في بورصة الأوراق المالية لتمر الصفقة بسلام من غير سوء.. ودون أن تمتد إليها يد الدولة.
والقصة بدأت عندما ثارت خلافات شديدة بين الشريكين المصري والإماراتي حول اسلوب إدارة الشركة خاصة بعدما تردد حول استغلال الشريك المصري لحصيلة مقدمات الحجز في مشروع سيدي عبدالرحمن للحصول علي قروض بضمانها.. واستمر التفاوض بين الشريكين فترة طويلة للتوصل إلي حلول بشأن هذه الخلافات التي أثارت القلق حول مستقبل المشروع من جانب وحول أموال الحاجزين من جانب آخر.
في النهاية تم الاتفاق علي تخارج الشريك المصري.. وأخذت المفاوضات والمساومات حول قيمة الصفقة الكثير من الوقت مما اضطر وزارة الاستثمار للتدخل مهددة باتخاذ إجراء حاسم في حالة عدم التزام الشركاء بتنفيذ اتفاقهم في الموعد المحدد من جانبهم وهو 27 مارس الماضي.. وبالفعل نفذت الوزارة ما هددت به وبدأت في اتخاذ الإجراءات القانونية لفسخ التعاقد واسترداد أرض سيدي عبدالرحمن.. إلا ان الطرفين أعلنا في اليوم التالي اتمام الصفقة التي بلغت قيمتها نحو 800 مليون جنيه.
ورغم الأثر السلبي للصفقة وملابساتها علي مناخ الاستثمار في مصر إلا ان ما يهم المجتمع في هذه الصفقة هو حقه الذي يقدر بنحو 160 مليون جنيه.. لقد حاولت شركة إعمار مصر بقدر جهدها التهرب من أداء هذا الحق بطريقة مشروعة وهي القيد ببورصة الأوراق المالية التي تتمتع تعاملاتها بالاعفاء من ضريبة الأرباح الرأسمالية.. ولكن البورصة رفضت الطلب لعدم انطباق شروط القيد علي الشركة مبررة رفضها بأن الشركة لم تبدأ بعد نشاطا فعليا في السوق وان ما تحقق من أرباح بميزانيتها كان ناتجا عن الفوائد البنكية المحققة علي مقدمات الحجز للمشروع.
وإذا كانت الصفقة قد انتهت بسلام إلا ان الجدل الذي فجرته حول مدي سلامة أداء وممارسات "البيزنس" المصري ودوره فيما يعرف بالمسئولية الاجتماعية.. مازال دائ