كما هو متوقع زخرت الصحف البريطانية الصادرة اليوم الخميس بالتعليقات على قرار إيران إطلاق سراح البحارة البريطانيين, ما بين مرحب بهذه النهاية السعيدة وبين متكهن بما دار وراء الكواليس وبين معبر عن الاستياء بسبب ما اعتبره الإهانة التي تعرضت لها بريطانيا نتيجة لهذه الواقعة.
الإهانة النفسية
تحت عنوان "البحارة طلقاء, لكن بريطانيا أهينت" قالت صحيفة ديلي تلغراف إن الارتياح لإطلاق الإيرانيين سراح البحارة ومشاة البحرية البريطانيين شابه امتعاض بسبب الإهانة التي لحقت بهم وبالبلد الذي يدافعون عنه.
وأضافت الصحيفة أن الرجال الأربعة عشر والمرأة البريطانيين من المتوقع أن يعودوا اليوم إلى بريطانيا لمشاطرة أسرهم أفراح عيد الفصح, كما أشار لذلك الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
"
الارتياح لإطلاق الإيرانيين سراح البحارة ومشاة البحرية البريطانيين شابه امتعاض بسبب الإهانة التي لحقت بهم وبالبلد الذي يدافعون عنه
"
ديلي تلغرافونبهت إلى أن الحكومة البريطانية ستهنئ نفسها لنجاحها في إطلاق سراح هؤلاء الجنود في فترة وجيزة نسبيا نظرا لتعقيد التعامل مع مراكز القرار المختلفة في إيران, وستبدي ارتياحا لكونهم لم يلحق بهم أذى جسدي.
لكن ديلي تلغراف شددت على أن هذا الارتياح أفسده سيل الإهانات التي تعرضت لها بريطانيا.
ولخصت تلك الإهانات في أمور, أهمها عجز البحرية الملكية عن توفير الحماية اللازمة لهؤلاء البحارة رغم ما تمر به العلاقات الإيرانية الغربية من توتر, وسرعة اعتراف المحتجزين بالخطأ وطلبهم الصفح, ناهيك عن كون أحمدي نجاد كان نجم اللحظات النهائية لهذه الأزمة إذ كان صاحب العفو ومنتقد النظم الأخلاقية للغرب التي تفرق أما مع رضيعها.
وأضافت الصحيفة أن ارتياح الشارع الإسلامي للإهانة التي ألحقتها طهران ببريطانيا لن يزيد النظام الإيراني إلا تعنتا.
وفي الأخير, أكدت ديلي تلغراف أن الخطوات التي أدت إلى احتجاز البحارة يجب أن تخضع لتحقيق دقيق, مما يعني أن البحرية الملكية يجب أن تستعد لإعطاء أجوبة لكم هائل من التساؤلات.
نهاية سعيدة
وتحت عنوان "نهاية سعيدة لمسألة سيئة" اعتبرت غارديان في افتتاحيتها قرار أحمدي نجاد بأنه كان قطعة مبهرجة لمسرحية سياسية, أراد الرئيس الإيراني أن يحول ما أصبح كارثة دبلوماسية إلى ما يشبه الانتصار الشخصي.
وأضافت أنه أعطى بريطانيا درسا حول تاريخ تدخلهم في الشؤون الداخلية الإيرانية.
وقالت إن الرابح على المدى القصير هو النظام الإيراني الذي أكد تمسكه بالدفاع عن حرمة ترابه وسيادته بعد أن تعرض لسلسلة من الإهانات تمثلت في اعتقال إيرانيين في أربيل والانشقاق المزعوم لجنرال إيراني كان في رحلة إلى إسطنبول, هذا فضلا عن الموت الغامض لعالم نووي إيراني بارز.
وفي الإطار ذاته قالت ذي إندبندنت إن كلا الطرفين يدعي أنه المنتصر, فإيران تعتبر أنها إيماءة شهامة لا علاقة لها بأية صفقة سرية, بينما يصر البريطانيون على أنهم لم يقدموا أية "تنازلات وإنما انتهجوا طريقة مدروسة حازمة لكنها هادئة لا تفاوض فيها ولا مواجهة كذلك" كما جاء على لسان رئيس الوزراء توني بلير.
صفقة محتملة
لكن بعض الصحف البريطانية ذهبت إلى التأكيد على أن صفقة من نوع ما قد تم إبرامها بين الطرفين بعيدا عن الأنظار.
في هذا الإطار قالت غارديان إن الوقت لا يزال مبكرا للحديث عن صفقة ما بين لندن وطهران, مشيرة في الوقت ذاته إلى الانتباه لقرار السماح لدبلوماسيين إيرانيين بمقابلة الإيرانيين الذين تحتجزهم القوات ألأميركية.
لكن دومينيك كندي لاحظ في تايمز أن الصخب الذي صاحب اعتقال البحارة خفت حدته في الآونة الأخيرة, بل إن الخارجية البريطانية توقفت عن التعليق لوسائل الإعلام بشأن ما يدور من مباحثات مع الإيرانيين وراء الكواليس.
وربط المعلق بين إطلاق سراح البحارة وبين السماح للدبلوماسيين الإيرانيين بزيارة مواطنيهم المعتقلين لدى الأميركيين، وبين العثور المفاجئ على دبلوماسي إيراني كان قد اختفى قبل فترة وأطلق سراحه وتمت إعادته إلى طهران.
وأكد ريتشارد بيستون في الصحيفة ذاتها أن إطلاق سراح البحارة لا يمكن
أن يتم إلا بأمر من الزعيم الإيراني آية الله علي خامنئي.
المصدر:
الصحافة البريطانية