بعد مضي فترة علي تجربة طرح نسبة من شركات قطاع الأعمال العام بأسلوب الاكتتاب العام, أثبتت التجربة نجاحات في معظم الشركات, وعلي سبيل المثال شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير والمصرية للاتصالات.
وبرغم أن الإدارة مازالت في يد الحكومة فإن الطرح ساهم في تعزيز الرقابة وأصبح رأيا ملزما للإدارة, مما دفع إلي تحديثها, وانتهاج هذه الشركات لسياسات تسعي إلي تعظيم الربح ورفع معدلات الخدمات, وقد اعترض الاقتصاديون علي أسلوب الحكومة واستمرار مشاركتها في الشركات التي يتم خصخصة نسبة منها وتفضيلها السيطرة علي الإدارة, وأكدوا أن الدور الرئيسي للحكومة هو وضع سياسات وقواعد حاكمة للنشاط الاقتصادي والمنظمة له.
كذلك الإشراف الجيد علي تطوير وتنفيذ تلك القواعد والسياسات, وهو ما يبتعد تماما عن امتلاك الحكومة الكلي أو الجزئي للشركات والمؤسسات.
ولكن ذلك بخلاف الشركات الاستراتيجية التي يجب أن تظل في يد الحكومة لاعتبارات سياسية واجتماعية.
وفي الوقت الذي نفي فيه عقيل بشير رئيس المصرية للاتصالات أي تفكير من جانب الحكومة في طرح نسبة أخري خلال الفترة الحالية بعد طرح نسبة20% للقطاع الخاص في شهر ديسمبر2005, أكد فاضل الشهاوي رئيس شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير, انه سيتم طرح نسبة تتراوح ما بين10% إلي20% من اسهم الشركة للقطاع الخاص خلال الفترة المقبلة, وأن الشركة في انتظار التوقيت المناسب لعملية الطرح إلا أنه لم يتحدد بعد أسلوب البيع سواء طرحها في البورصة أو لمستثمر رئيسي, أو من خلال مزاد بمظاريف, ويفضل الدكتور هشام حسبو استاذ المحاسبة بجامعة عين شمس والمستشار الأسبق لرئيس الوزراء لشئون الخصخصة بأن يتولي القطاع الخاص المسئولية بالكامل في حالة قدرته علي ذلك مشيرا إلي أن الحكومة يجب أن تكون لفترة محدودة ثم تولي المهام للقطاع الخاص.
وحذر من أن هناك شركات استراتيجية يجب ألا نغامر ونتركها بالكامل للقطاع الخاص مثل المطاحن والدواجن وشركات السكر مشيرا إلي تركها للقطاع الخاص قد يؤدي إلي عمليات احتكارية مما يؤدي إلي ارتفاع في الأسعار لحاجات الإنسان الأساسية وبالتالي الاضرار بالمواطن المصري خاصة محدودي الدخل.
واسترجع الدكتور هشام ما حدث عام94 في عهد الدكتور عاطف صدقي عندما قامت الحكومة بتوفير أعلاف مدعمة ورعاية صحية لرابطة منتجي الدواجن أي للقطاع الخاص علي أن يقوموا في المقابل بتسليم الدواجن مذبوحة لمنافذ وزارة التموين بهدف توفير الدواجن للطبقات محدودة الدخل, مشيرا إلي أنه حدثت مفاجأة وقت التسليم, حيث تراجعت الرابطة وتقدمت بأسفها, وحجتها أن الدواجن نفقت ومؤكدا أن لولا تدخل الحكومة بتوفير الدواجن للمواطنين من خلال الاحتياطي المخصص في ذلك الوقت لأفراد القوات المسلحة, لحدثت مشكلة كبيرة وكارثة قومية.
وأضاف أن مشاركة القطاع العام للقطاع الخاص في المجالات غير الاستراتيجية يمكن أن تقل نسبة القطاع العام عن50% حتي تكون مساهمة الحكومة موجودة ولكن تكون غير مسيطرة.
وبالنسبة لمشاركة القطاع الخاص الأجنبي يؤيد الدكتور هشام هذه النوعية من المشاركة, مؤكدا أنها من ضمن ايجابياتها توفير العملة الأجنبية داخل مصر, فضلا عن الاستفادة بالخبرات في أسلوب الإدارة الأجنبية ورفع كفاءة العمالة المصرية, كذلك العمل بنظم تكنولوجيا حديثة وفتح أسواق جديدة لتصدير المنتجات المصرية للخارج.
ونفي عقيل بشير رئيس مجلس إدارة المصرية للاتصالات والتي تم طرح نسبة20% من أسهمها للقطاع الخاص خلال ديسمبر الماضي, أي تفكير من جانب الحكومة في طرح نسبة أخري من أسهم الشركة خلال الفترة الحالية, مشيرا إلي أنه من ضمن سلبيات الخصخصة أن الشركة فقدت نسبة من المرونة كانت تتمتع بها من قبل الحكومة, باعتبارها شركة قطاع عام بالكامل أي انها ليست المالك الوحيد وأكد أن لا يوجد علاقة بين خصخصة الشركة وبين زيادة أرباحها أو خسارتها, ولكن المهم هو الإدارة الرشيدة والتخطيط الجيد مما يؤدي إلي رفع مستوي أداء الشركة.
وعن الآثار الايجابية لعملية الخصخصة بالنسبة للمصرية للاتصالات أوضح رئيس الشركة أن من ضمنها امكان تعيين ثلاثة أعضاء مستقلين عن الحكومة ومنتخبين من11 عضوا في مجلس إدارة الشركة.
وكذلك أصبحت الشركة بعد عملية الخصخصة أكثر التزاما بنشر ميزانياتها في مواعيد محددة بما يحقق مزيدا من الافصاح والشفافية ومؤكدا استفادة الشركة بصفة عامة من مبادئ الحوكمة فضلا عن ان عمليات الرقابة المستمرة من قبل المساهمين اعطت دفعة للشركة لتحقيق مزيد من النجاح في السوق المصرية.
وعن وضع العمالة بعد عملية الخصخصة قال: إن العمالة في الشركة استفادت, حيث تم تخصيص5% من اسهم الشركة للعاملين وبسعر منخفض.
وصرح فاضل الشهاوي رئيس مجلس إدارة شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير ـ التي كانت من الدفعات الأولي لتنفيذ برنامج الخصخصة حيث تم طرح نسبة27% من أسهم الشركة للقطاع الخاص عام1996 بأن الشركة القابضة القومية للتشييد والتعمير والتي تمتلك73% من أسهم الشركة قررت طرح نسبة أخري تتراوح ما بين10% إلي20% كدفعة ثانية للقطاع الخاص, وذلك بعد موافقة الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار.
وأكد أنه حتي الآن لم يتقرر بعد أسلوب البيع سواء في البورصة أو لمستثمر رئيسي أو من خلال مزاد بمظاريف مغلقة.
ولكن علي أي أساس تم اختيار شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير للخصخصة قال: إنه ليس من الضروري أن تكون الشركة خاسرة لكي يتم خصخصتها أو بيعها, مشيرا إلي أن الشركة حققت صافي أرباح34 مليون جنيه عام1995 قبل الخصخصة.
وعن أسلوب خصخصة27% من أسهم الشركة عام1996, قال انها تمت من خلال طرح الأسهم في البورصة وكان قيمة السهم الاسمية5 جنيهات وسعر السهم طبقا للتقييم52,5 جنيه وقد تم بيعه بنحو400 جنيه, حيث تم بيع الأسهم لصناديق الاستثمار ومستثمرين أفراد واتحاد العاملين المساهمين.
ونفي وجود آثار سلبية لنظام الخصخصة في الشركة نظرا لأنها مازالت نسبة ضئيلة.
وعن الآثار الإيجابية قال: إن من ضمنها زيادة رقابة أصحاب رأس المال علي المنشأة, علما بأن الرقابة من خلال الجهاز المركزي للمحاسبات تعمل بكفاءة عالية.
وحول زيادة أسعار الوحدات السكنية للشركة بعد عملية الخصخصة قال: إن السبب في ارتفاع أسعار الشقق هو ارتفاع أسعار مواد البناء حيث ارتفعت أسعار الأسمنت والحديد بنسبة300%.
وعن مدي اقبال القطاع الخاص علي شراء نسبة من شركات قطاع الأعمال العام, يقول الدكتور إيهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية إن شراء القطاع الخاص نسبة من شركات قطاع الأعمال العام يكون بهدف الاستحواذ علي الشركة بالكامل, أملا في طرح الحكومة باقي النسب التي تمتلكها بعد فترة, مشيرا إلي أن القطاع الخاص يفاجأ باستمرار سيطرة الحكومة علي الشركة, ويجد نفسه في الوضع الضعيف مع عدم استمرار الحكومة في استكمال الطرح لباقي الملكية للقطاع الخاص, مؤكدا أن ذلك يمثل مشكلة للمستثمرين ويخوفهم من شراء أي نسب ضئيلة من أي شركة يتم طرحها.
وأضاف أن الهدف من مشاركة الحكومة أقلية وليست أغلبية هو ضمان قيام القطاع الخاص بتنفيذ بنود العقد مثلما حدث في الصفقة الأخيرة لبيع عمر أفندي, أو أن يكون هدف الحكومة الحصول علي موارد مالية في هذه الشركة التي غالبا ما تحقق أرباحا مرتفعة.
وفي نفس الوقت يعترض الدكتور إيهاب علي امتلاك الحكومة نسبة ضئيلة أو قليلة من هذه الشركات لأنها يكون لها تأثير كبير وقوي أيضا.