يدرس حالياً مسؤولون بوزارتي البترول والمالية وضع نظام جديد لتوصيل الغاز، يستهدف تحرير النشاط من قبضة الحكومة وتوسيع مشاركة القطاع الخاص، من خلال عقود جديدة ستتحدد ملامحها بعد شهر مايو المقبل، وعلمت «المصري اليوم» أن حزمة من التصورات والأفكار يجري تداولها حالياً بين الطرفين من خلال التنسيق المباشر،إذ يتولي مسؤولو البترول ترتيب الشق الفني ويتولي مسؤولو المالية إعداد تصور لعمليات التمويل والشق المالي،
وتحديد الفئات محدودة الدخل وذلك لتسريع توصيل الغاز إلي ٦ ملايين عميل خلال ٦ سنوات، ويناقش الطرفان عدة بنود أساسية منها دراسة إلغاء تكلفة التوصيل علي المنازل والبالغة ١٥٠٠ جنيه، وهي القيمة التي يتحملها المستهلك بجانب مبلغ ١٠٠٠ جنيه تتحمله وزارة البترول،
كما تجري دراسة تحديد الفئات المستحقة وغير المستحقة للدعم من خلال نظام جديد يحدد مستوي كل مواطن علي حسب استهلاكه للمتر مكعب من الغاز بنظام الشرائح، كما هو متبع في الكهرباء اعتماداً علي دراسة كان قد أعدها البنك الدولي تشير إلي أن عملية التحويل إلي الغاز تستلزم رفع العبء المالي عن كاهل العميل،
خاصة في المناطق الفقيرة ويتناقش الطرفان حالياً حول الجهة التي ستتحمل التكلفة من الأطراف الثلاثة المستهلك أم المستثمر أم الحكومة، بالقياس إلي حجم الخطة المقرر تنفيذها وهي ٦ ملايين عميل في ظل ارتفاع كبير في قيمة المهمات والتوصيل والتركيب،
وأشار مسؤول رسمي بوزارة البترول لـ «المصري اليوم»، إلي أن الوزارة حصلت علي عدة نماذج اقتصادية من عدة دول من نيجيريا وإنجلترا والهند والبرازيل ويعد النموذج الهندي في توصيل الغاز هو أقرب النماذج إلي مصر، حيث يعفي المواطن من قيمة ما يدفعه لتوصيل الغاز ويتم تحميلها عليه خلال عدة سنوات، مضافاً إليها فاتورة استهلاك الغاز ولفتت بعض الشركات الخاصة انتباه الطرفين إلي أنه تجب صياغة هذا النظام بإحكام حتي لا يفتح باب «السخط» من جانب المواطنين الذين تعاملوا بالنظام القديم،
وفي الاتجاه نفسه تري وزارة المالية ضرورة توسيع مشاركة القطاع الخاص وتكليفه بإنشاء البنية الأساسية من خطوط رئيسية وتوصيلات فرعية ومحطات ضواغط من خلال استثماراته الخاصة، وفي ظل التنافس الحر بالشكل الذي يحد من استثمارات الدولة في هذا الاتجاه،
وتوجيهها إلي قطاعات أخري مثل التعدين.. بما يسمح برفع عبء الاقتراض لتنفيذ هذه المشاريع عن كاهل الدولة، وقال مسؤول بالمالية: علينا أن نفسح المجال للقطاع الخاص لما له من قدرة علي الحركة وإدارة النشاط والمخاطرة في الاستثمار، وأن تقوم الحكومة فقط بدور المنظم والمراقبة من خلال جهاز مرفق الغاز المزمع «تكوينه»، ورفض مسؤول بالشركة القابضة للغاز فكرة قيام القطاع الخاص بتنفيذ مشاريع البنية الأساسية للغاز،
وقال: القطاع الخاص سيحمل الدولة أعباء إضافية وسيرفع التكلفة أضعافاً، فخط بني سويف/ المنيا مثلاً يتكلف في حدود ٥٠٠ مليون جنيه، ولو نفذه القطاع الخاص سينفذه بنحو ٢ مليار جنيه لأنه سيقترض من البنوك مضيفاً هامش الربح لنفسه،
وأضاف أن دولاً عديدة لا تسمح للقطاع الخاص بإنشاء البنية الأساسية مثل أمريكا، حيث تولت الحكومة تنفيذ كل مشاريع الطرق، واختلف مسؤول بإحدي الشركات الخاصة مع كلام المسؤول السابق ودلل علي كلامه بما جاء بموازنة القابضة نفسها، وقال: القابضة رصدت ٣.٦ مليار لتنفيذ وصلة خط الغاز إلي أسوان في حين أن دراسة القطاع الخاص أكدت أن التكلفة ٢.٤ مليار فقط.
لكن مسؤولاً بالوزارة وضع النقاط علي الحروف في هذا الأمر، حيث أشار إلي أن عملية الطرح علي القطاع الخاص ستكون في منافسة ومناقصة مفتوحة، وسيفوز بالعطاء أقل العروض المالية ولن يكون هناك احتكار في هذا الاتجاه،
وأضاف المسؤول: سنضع سقفاً مالياً لأي عملية نطرحها علي القطاع الخاص، بحيث إذا تجاوز المتنافسون في عروضهم المالية عن السقف المحدد سنلغي المناقصة ويمكن أن نكلف إحدي الشركات التابعة للقطاع مثل غاز مصر أوتاون جاز بتنفيذها، لأنه لابد أن يكون لدينا في الخلف احتياطي استراتيجي مثلما يحدث في لعبة كرة القدم،
وكشف المسؤول عن النية في طرح شريحة إضافية من أسهم شركتي غاز مصر وأخري من تاون جاز تصل إلي ٢٠% للأولي و٣٠% للثانية للبيع في البورصة لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في الشركتين الخاضعتين للحكومة، وتجري وزارة البترول المصرية حالياً الترتيبات لدعوة الشركات العالمية والمحلية المؤهلة في مجال الغاز لحضور اجتماع سيعقد في مايو المقبل، فيما يشبه ورشة العمل للخروج بأفضل النماذج التي تتناسب مع مصر،
وستكون توصيات المؤتمر بمثابة بنود أساسية في كراسة الشروط والمواصفات التي سيتم طرحها علي القطاع الخاص في أكتوبر أو نوفمبر القادمين لتنفيذ عمليات الطرح من خلال عقود جديدة،
وعلمت «المصري اليوم» أن العقود الخاصة بتوصيل الغاز إلي نحو ٦٠٠ ألف عميل والتي كانت مجمدة منذ أسابيع، سيتم توقيعها مع الشركات خلال الأيام المقبلة حتي لا تتوقف الشركات عن العمل،
وحتي لا يتأثر الجدول الزمني لخطة التوصيل الشاملة وسيتم التوقيع بنفس الشروط القديمة علي أن تسري العقود الجديدة بعد إقرارها رسمياً حتي نهاية العام الحالي للعمل بها فيما بعد.